لماذا الإصرار على قانون التقاعد رغم المظاهرات والإضرابات؟!
عرضت الحكومة الفرنسية خطتها لتعديل نظام التقاعد على البرلمان بغرفتيه، حيث تطرحه مجددًا أمام مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه اليمين للمصادقة مرة أخيرة والتي يتوقع أن يتم اعتمادها، لكن نتيجة التصويت المرتقب والحاسم لاحقًا في الجمعية الوطنية لا تزال غير مؤكدة، ومساء الأربعاء، قال الرئيس إيمانويل ماكرون: إنه يتمنى أن يتم إجراء التصويت تحت قبة البرلمان حتى لا تضطر الحكومة إلى اللجوء إلى الإجراء المنصوص عليه في المادة 49.3 من الدستور لتمرير الإصلاح المثير للجدل.
وبعد مضي أسابيع من المناقشات والمفاوضات الحادة في فرنسا في ظل توتر شديد ومظاهرات وإضرابات عمالية، دخل مشروع إصلاح نظام التقاعد للحكومة والذي لا يحظى بالشعبية مرحلة الحسم في البرلمان بغرفتيه، في ظل عدم يقين كامل حيال نتيجة التصويت.
وإثر مشاورات وزارية جديدة عقدها في وقت متأخر من مساء الأربعاء، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه يريد أن يتم التصويت على هذا الإصلاح في البرلمان، بدلاً من استخدام الإجراء المنصوص عليه في المادة 49.3، لتمرير الإصلاح، وقال مصدر في الحكومة: «لم يتم تقرير أي شيء».
وفي السياق، قال المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران عقب اجتماع مجلس الوزراء: «تسعى الحكومة أكثر من أي وقت مضى إلى أن تدعم الأغلبية الطبيعية هذا الإصلاح العاجل والحاسم لبلدنا».
وعشية التصويت الحاسم في البرلمان، عقد سبعة نواب وسبعة من أعضاء مجلس الشيوخ اجتماعًا مغلقًا في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول مشروع الإصلاح وهو أمر لا مفر منه قبل تصويت الخميس.
وكما كان متوقعًا، اعتمد نواب البرلمان المادة (7) من المشروع التي تنص على تأجيل السن القانوني من 62 إلى 64 سنة، ويتضح أن مؤيدي هذا التعديل يمثلون الأغلبية في تشكيل هذه اللجنة.
ويسود عدم اليقين حول تصويت آخر بعد الظهر في الجمعية الوطنية في ظل استمرار الانقسامات ضمن حزب الجمهوريين (يمين). وقد يدفع انعدام اليقين هذا، الحكومة إلى اللجوء إلى سلاح دستوري معروف بالبند 49.3 الذي يسمح بإقرار المشروع من دون تصويت في البرلمان، لكنها تأمل ألا تضطر إلى استخدام هذا التدبير الذي قد يفاقم رفض هذا الإصلاح الذي تعارضه غالبية من الفرنسيين.
وصرح لوران بيرجيه الأمين العام لنقابة cfdt، قبل بدء مظاهرة باريس بعد الظهر: «أقول للبرلمانيين، لا تصوتوا على هذا القانون، إنه منفصل عن واقع العمل».
ومنذ 19 يناير، تظاهر ملايين الفرنسيين سبع مرات للتعبير عن رفضهم لهذا الإصلاح الذي ينص البند الرئيسي فيه على رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عامًا، ويثير هذا البند الغضب الأكبر، إلا أن موقف الحكومة لم يتزحزح وهي اتبعت إستراتيجية للتوصل إلى إقرار المشروع بوتيرة سريعة مستخدمة تدابير واردة في الدستور لتسريع النقاش البرلماني.
وفي 7 مارس شكل الاضراب الوصول ال ذروة التعبئة، حيث خرج 30 ألف متظاهر، بحسب الشرطة، و245 ألف، بحسب النقابات.
وبموازاة ذلك، تستمر الإضرابات القابلة للتمديد في قطاعات رئيسية عدة من النقل إلى الطاقة بحسب مسؤول نقابي، وانخفض توليد الكهرباء في فرنسا بمقدار 10710 ميجاواط، أي ما يعادل عشرة مفاعلات نووية، بحسب شركة الكهرباء العامة، وتعرض قصر دو بريجانسون، المقر الرسمي للرئاسة في الجنوب، لانقطاع في التيار الكهربائي.
كما لا تزال حركة قطارات الشركة الوطنية للسكك الحديد sncf متأثرة بالاحتجاجات وتبقى حركة السير معطلة على بعض الطرقات في شمال البلاد، وتم أيضا إلغاء 20% من الرحلات الجوية في مطار باريس-أورلي بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية، وفي النقل البري يتم نصب حواجز أيضًا في البلاد.
ويجازف ماكرون الذي أعيد انتخابه رئيسًا في أبريل 2022 بجزء كبير من رصيده السياسي على هذا النص الذي يهدف بحسب الحكومة، إلى الاستجابة للتدهور المالي في صناديق معاشات التقاعد وتشيخ السكان.
وعبرت السيدة ماري عن غضبها «الشديد» بتمديد سن العمل قائلة: «أنا مدرّسة، لا أعتقد أنني سأعمل إلى غاية 64 عامًا لأن وظيفتي صعبة للغاية وتتطلب مجهودًا يوميًا»، مشيرة أن «القانون الجديد سيؤثر سلبًا على المعاش التقاعدي الذي ستتلقاه عندما تغادر الحياة العملية».