قال الأديب المغربي عبد السلام الأزموري في أرجوزته المشهورة عن الشاي المغربي :
الحَمْدُ للهِ الَّذِي نعَّمَـنَا * بِـكُـلِّ مَطْـعُومٍ بِـهِ أَطْـعَـمَـنَا
وَ كُلِّ مَشْرُوبٍ لَذِيذٍ أَطْيَبِ * حُلْوٍ حَلاَلٍ كَـالـغَمَامِ الصَّـيِّبِ
مِثْـل الأَتَـاي الـوَنْدَرِيزِ مَـذْهَـبَهْ * عَلَـى صَــفَـا صِـيـنِـيَّـةٍ مُـلْـتَـهِبَهْ
تَـطَـايَـرَ الهَـمُّ لَــدَيْـهِ وَ انْــشرَح * صَــدْرُ الَّــــذِي يَـشْرَبُـهُ مِـنَ الـفرَحْ
فَـــإِنْ يَـكُـنْ مُـعَـنْـبَرًا فَـذَاكَ فِي * مَذْهَبِنَا المَعْـرُوفِ خَيْرُ مَا اصْطُفِي
وَ ذَا إلَى ثَلاَثَةٍ أَوْ أَرْبَـعَا * مِنَ الأَحِبَّةِ وَ مَا زَادَ ادْفَعَا
مَا لَـــمْ يَكُنْ مُغَـنِّيًـا أَوْ مُطْرِبَـا * أَوْ ذَا مَلاَحَةٍ يُرَى مُـحَـبَّـبَا
فَهْــوَ الَّذِي يُـقِيـمُهُ وَ يُـحْسِـنُهْ * وَ كُلُّـنَـا مِــــنْ يَدِهِ نَـسْتَـحْسِنُهْ
وَ إِنْ يَـكُنْ مُـنَـعْـنَـعًـا فَذَاكَ لاَ * وَ حَقِّــكُمْ يَــصلُحُ إِلاَّ لِلْمَـلاَ
أَوِ لِلَّذِي أَوْلَعَ بِــالحَـنَّاوِي * أَوْ اشْتَكَى ضُرًّا فَـلِلـتَّدَاوِي
خُـذْهُ فَـدَتْكَ الـنَّفْسُ مِنْ قَبـلِ الطَّعَامْ * أَوْ بَعْدَهُ فَـمَـا عَـلَـيْكَ مِنْ مَلاَمْ
إِلاَّ إِذَا كَانَ الـطَّـعَـامُ كُـسْكُـسا * فَكُلُّ مَنْ أَخَّرَهُ فَقَـدْ أَسَا
وَوَقْـتُـهُ وَقْـتُ سُـرُورٍ وَ انْـبِسَاطْ * وَ حَـيْثُمَا دُعِـي لِـشُرْبِهِ الـنَّـشَاطْ
وَقْتُ الـصَّباحِ عِـنْدَهُمْ مُـسْتَحْسَنُ * لَكِـنَّـهُ بَـعْـدَ العِـشاءِ أَحْسَنُ
إِذْ وَقْــتُهُ وَقْتُ فَـرَاغِ الــبَالِ * وَرَاحَةِ الـقَـلْبِ مِنَ الأَشغَالِ
وَالأَمْنُ مِنْ كُلِّ ثَـقِـيلٍ يَـدْخُلُ * أَوْ خَبَـرٍ عَلَى الـنُّفـوسِ يَـثْقُـلُ
مَـعَ اتِّــسَاعِ الــوَقْـتِ لِـلـمُـنَادَمَــــــهْ * وَلَـذَّةِ الجُلُـوسِ وَ الـمُـكَالَـمَـهْ
وَذَاكَ فِـــــــي الــصَّـبَـاحِ لاَ يَـتَّـفِـقُ * وَهُوَ مِــنْ بَـعْدِ الـعِشَا مُـحَقَّقُ
أَكْرِمْ بِـذَاكَ الـوَقْتِ وَقْــتِ الـكُرَمَا * وَإِنَّمَــا اللَّـيْلُ نَهَارُ الـنُّـدَمَا
تُــومِـنُ فِــيـهِ مَعَ غَلْقِ الـبَابِ * وَسَدْلِ مَا يَـسْتُـرُ مِنْ حِجَابِ
وَاخْـتَرْ لَـــهُ مِــنَ الـشُّموعِ الأَبْيَضَا * كَأَلْسنِ الأَفْعَا إِذَا تَـنَـضَّـضَا
عَلَـى قِـــــــوَامِ حَـسَكِ الـتُـنْـبَـاكِ * بِــهَا يُرَى طُولُ الـدَّيَـاجِ بَـاكِ
عَـلَـى دُخَانِ الـعُـودِ إِذْ يَـحـتَرِقُ * وَمَاءِ وَرْدٍ عِــطْرُهُ يَـنْـتَـشِقُ
وَلاَ أَرَى الأَتَـايَ بِــالـقِـنْـدِيـل * وَالـزَيْتِ وَ الـمِنْخَاسِ وَالـمِنْدِيلِ
إِذْ كُـــــــلُّ أَمْرِهِ عَلَـى الـنَّـظَـافَهْ * قَدْ انْـبَـنَى وَ شَــرْطُهُ اللَّـطَـافَهْ
لاَ سِـيَـمَـــا السَّاقِي الَّــذِي يُـنَـاوِلُــهْ * كَـذَلِـكَ الكَأْسَ الَّذِي نَسْـتَعْمِلُهْ
وَشُــرْبُـهُ عَـلَى خَلاَءِ الـمَـعِدَهْ * جازَ عَـلَى شـرْطِ حُضُـورِ المَائِدَهْ
تَــأْخُذُ مِــنْهُ لُـقْـمَـةً أَوْ لُـقْـمَـتَيْنْ * مِـنْ قَـبْـلِ أَنْ تَـشْرَبَ مِـنْــــــهُ حَـلْقَتَيْـنْ
وَأَخِّــرَنْـــــهُ مُـطْـلَـقًـا حَـــيْـثُ تَـلاَ * مَا كَانَ مَالِـحًا يُـرَى مُـخَـلّلاَ
وَشُـرْبُهُ عَـلَـى الـشِّوَاءِ وَ الـكَبَـابْ * يَـفْـتَحُ لِـلـصِّحَــــةِ مِنْهُ أَلْفَ بَابْ
وشُرْبُــه على اللحوم جَيِّدُ * لكنّه على الدجاج أَجْوَدُ
وشرْبُـه عـلـى رُؤوس الـضّأْن * مَـشْوِيّةً شَأْنٌ وأيُّ شَأْنِ
وشُـــرْبُه عـلـى الكُفوتِ المُعْجـِبَـهْ * أحْبـِـبْ بـه مِـن مُشـتـهى ما أطْـيَبَهْ
وشرْبُه علـى الـرَّغـائـف الّتي * بالزّبْد و العسل قد أعْمِـلتِ
أحْسَنُ شَيء نِـلـتـَهُ صبـاحًا * وإن تـُداوِمهُ تنَلْ صلاحًا
وشاع بـالكَـعْـب الـغَـزالـي و ما * أشْـبَـهَـهُ في سلكه قد نظِـما
كالكَعْك و الغَريـبة الـمُكـرَّمَهْ * مَـحْـشُوَّةً طَيِّبَةً مُـنعَّمَهْ
وجـوَّزوا البـِشْكــوتَ و هْو صُورَهْ * كذا القراشيل لَدى الضّرورَهْ
يُـخْتارُ لـلأتـاي بـابورٌ غَدا * بلونه الأصفر يحكي العَـسْـجَـدا
ورُجِّــــحَ الـبَقْراجُ عــنه إلا * لعدْم مَن يأتي به وإلا
إذا الـمَـقامُ يـقـتـضي الـبابورا * كـأنْ ترِدْ أن تـُـرْخِيَ الـسّتـورا
واخْتـيرَ لـلـبَقْــراج مـا يَحْـمِـلـهُ * مِن مِـجْمَر الصُّفْر يكون مِـثلَهُ
ذا أرْجُلٍ غَدا علـيها واقفا * فيـه من الـماء الزُّلالِ ما كَفى
ولا تثِقْ بـِصَـوْتِـــهِ إذا غَلا * حتى ترى البُخارَ للجوِّ عَلا
وانْـتَـخِــبِ الـصِّيـنِـيَّـة الـسَّنِـيَـهْ * مِنَ الكُؤوسِ قــد غَدَتْ مَلِيَّهْ
وقد جَرى العَـمَلُ في الكؤوسِ * بأن تكون عَدَدَ الرؤوس
بـرّادُهــا كــأنّه شَيْخٌ غَدا * يُـمْلي على الكؤوس منــه سَنـدا
وإن يـكُ المديرُ قـَدْ حَـازَ الجَـمَالْ * فِي خُلْقِهِ و خَلْـقِهِ فهْوَ الكمالْ