من خدموا الرسول صلى الله عليه وسلم
حينما نتحدث عمن نالهم شرف خدمته أو حراسته أو غير ذلك فينبغي ألا يتبادر إلى الذهن تلك الصورة القائمة في بيوت الحكام والأمراء ومن كان على شاكلتهم، أولئك الذين جعلوا من الحراس والخدم وسيلة للفصل بينهم وبين الناس من جانب، وللترفع عليهم من جانب آخر.
وكلما كثر الحرس، وكثر الخدم، كلما كان ذلك دليلًا على أُبهة صاحب ذلك ورفعة مكانته.
كلا!! إننا ونحن نتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام صورة أخرى بعيدة كل البعد عما استقر في أذهان الناس. إنها صورة فريدة. يفخر فيها الخادم بخدمته والحارس بحراسته.
إننا أمام خدم وحرس.. لا يتناولون مقابل عملهم شيئًا من بيت مال المسلمين، ولا يثقلون خزينة الدولة بالأعباء.
إنهم متبرعون متطوعون، لم يكلفهم أحد بذلك، بل اختار كل منهم العمل الذي أحب أن يشارك فيه محبة واحترامًا وتقديرًا ابتغاء وجه الله تعالى ورجاء دعوة صالحة من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأملًا في القرب منه والسعادة بالجلوس إليه.
صورة وضيئة، العلاقة فيها الحب، والأجر فيها الثواب في الآخرة، والسعادة الروحية في الحياة الدنيا.
وفي ظل هذا المعنى نتحدث بشكل مجمل عن بعض من نالهم هذا الشرف رضي الله عنهم.
الذين نالهم شرف الخدمة:
• فمنهم: أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي. جاءت به أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومه إلى المدينة، وقدمت ابنها ليكون خادمًا له.
قال أنس: جاءت بي أمي - أم أنس - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أزرتني بنصف خمارها، وردتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله، هذا أنيس، ابني، أتيتك به يخدمك، فادع الله له. فقال: "اللهم أكثر ماله وولده"[1].
وقد خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، وأسلم وهو صغير، وصلى إلى القبلتين وشهد بدرًا، ولكنه لم يذكر في البدريين لأنه لم يكن في سن من يقاتل[2].
رحل إلى دمشق بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها إلى البصرة. وتوفي فيها سنة ثلاث وتسعين من الهجرة، وهو آخر من مات من الصحابة في البصرة.
• ومنهم: عبدالله بن مسعود الهذلي، وكان صاحب الوسادة والسواك والنعلين، والطهور. وكان يلي ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم.
أحد أئمة الصحابة، هاجر الهجرتين وشهد بدرًا والمشاهد بعدها.
توفي بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة رضي الله عنه.
• ومنهم: عقبة بن عامر الجهني، وكان صاحب بغلته يقود به في الأسفار.
• ومنهم: أسلع بن شريك، صاحب راحلته.
• ومنهم: أيمن ابن أم أيمن، وكان صاحب مطهرته، استشهد يوم حنين.
• ومنهم: بلال بن رباح مؤذنه صلى الله عليه وسلم.
وقد حظي كثير غيرهم - رضي الله عن الجميع - ببعض خدمته صلى الله عليه وسلم.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|