تواصلت الخميس الاشتباكات المتفرقة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى خرق الهدوء النسبي في العاصمة الخرطوم، ما زاد من خطر انهيار الهدنة لمدة أسبوع التي تم التوصل إليها بوساطة دولية، كما تبادل الطرفان الاتهامات بشأن أسباب خرق الهدنة.
وقال سكان: إن اشتباكات بين الفريقين المسلحين المتناحرين اندلعت الأربعاء في الخرطوم ومدن أخرى، واستمرت حتى عطلة الأسبوع.
وتجري مراقبة وقف إطلاق النار من السعودية والولايات المتحدة وكذا الطرفان المتحاربان، والذي كان من المفترض أن يضع حدا لمعارك استمرت خمسة أسابيع في الخرطوم مع اندلاع أعمال عنف في أجزاء أخرى من السودان، بما في ذلك إقليم دارفور غرباً، وأدى القتال إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وأجبر أكثر من 1.3 مليون شخص على الفرار من ديارهم، كما يهدد بزعزعة استقرار المنطقة الأوسع نطاقا.
ورغم تواصل المعارك، أكد سكان في العاصمة السودانية أنهم استغلوا تراجع حدّتها هذه المرة للخروج من منازلهم وقضاء حوائجهم، ويعتمد الجيش، بقيادة عبدالفتاح البرهان على القوة الجوية، فيما انتشرت قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي) في شوارع الخرطوم واحتمت بها، ومن غير الواضح ما إذا كان أي من الجانبين قد اكتسب ميزة في صراع يهدد بزعزعة استقرار دول المنطقة.
وحاصرت جماعة مسلحة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور خلال الأيام القليلة الماضية، ودعا توبي هاروارد منسق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في دارفور السلطات إلى استعادة السيطرة على المدينة، وانقطعت الاتصالات السلكية واللاسلكية، وهاجمت العصابات التي تجوب المدينة بدراجات نارية المستشفيات ومقرات الحكومة ومنظمات الإغاثة والبنوك والمنازل.
ووردت أنباء عن وضع مماثل في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، التي شهدت أيضا انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية لعدة أيام، بعد مقتل المئات في هجمات شنتها مليشيات.
وليل الأربعاء-الخميس اتهمت قوات الدعم السريع الطرف الآخر في بيان نشرته على حسابها في تويتر، بـ «اختراق قوات الجيش وفلول النظام البائد المتطرفة (الأربعاء)، الهدنة الإنسانية المعلنة»، وأضافت: إن قوات الجيش «قامت بالهجوم على قواتنا في عدد من المحاور عبر الطيران الحربي والقصف المدفعي والهجوم البري»، مشيرة إلى «إسقاط طائرة ميغ يتواجد حطامها في منطقة أُمبدة» بأم درمان غرب العاصمة.
ورد الجيش في بيان نشره على صفحته على فيس بوك قائلاً: «إن المليشيا المتمردة تواصل انتهاك الهدنة المعلنة منذ بدايتها (...) طبقاً لاتفاق جدة»، واتهم قوات الدعم السريع بشن «هجوم على مدينتي الجنينة وزالنجي (في دارفور) ومواصلة احتلال المستشفيات.. واحتلال مطبعة النقود وسك العملة».
وكان الوسطاء قد أعلنوا بعد أسبوعين من المفاوضات في جدة، التوصل إلى هدنة تعهّد الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، باحترامها، إلا أنهم أكدوا أن القتال في الخرطوم بدا أقل حدة، لكن المعلومات تفيد أنهما انتهكا الهدنة منذ بدء سريانها رسميًا.
وبحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي)، بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص سقط معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وجه رسالة إلى السودانيين غداة توقيع اتفاق جدة وقال فيها «إذا تم انتهاك وقف إطلاق النار، سنعرف»، وتابع: «سنحاسب المخالفين من خلال عقوبات نفرضها ووسائل أخرى متاحة لنا».
من جهته، أكد مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في تصريحات للصحافيين في جنيف الأربعاء أنه «على الرغم من اتفاقات وقف إطلاق النار المتتالية، لا يزال المدنيون يتعرضون لخطر الموت والإصابة».
وأضاف: «بين عشية وضحاها تلقينا تقارير عن طائرات مقاتلة في الخرطوم و وقوع اشتباكات في بعض مناطق المدينة، وكذلك في بحري وأم درمان» لكن منذ بداية الحرب تم الإعلان مرارًا عن اتفاقات لوقف النار تعرضت للانتهاك في كل مرة.