عالم مسلم وداعية صومالي من كبار علماء الصومال، اغتيل بمدينة جروي عاصمة ولاية بونتلاند الصومالية أثناء أدائه صلاة العصر في 15 فبراير 2013.
حياته المبكرة وتحصيله العلمي
وُلد الشيخ عبد القادر نور فارح عنجيل تلوا (Canjeel tala waa) التابعة لبلدة أيل شمال شرق الصومال عام 1940.
يقول الشيخ عبد القادر في مذكراته التي جمعها الأستاذ القاضي محمد عمر:
ذكروا أن ولادتي كانت في حدود اندلاع الحرب العالمية الثانية حوالي 1940م في موضع اسمه “عنجيل تَلَواْ “Canjeel tala waa قريب من ناحية “أيل” AYL التي اشتهر أمرها في عهد السيد محمد عبد الله حسن – قائد الدراويش، الوالد نور فارح أدركته حيا فقد توفي وأنا ابن واحد وعشرين سنة كان كواحد من عامة الناس لم يكن عالما، ولم يكن هو الذي علِّمني وكانت أسرتنا فقيرة رقيقة الحال جداً لم يكن لنا من المال سوى قطيع “تِرو” من الغنم.
اهتم بالعلم الشرعي منذ صغره رغم صعوبة طلب العلم كونه يرعى الغنم لأهله، انتقل إلى بلدة أيل لتلقي الدراسة الابتدائية، ورحل إلى العاصمة الصومالية مقديشو عام 1960، والتحق بمدرسة تابعة للأزهر الشريف حيث تلقى العلوم الشرعية، حتى تخرج منها عام 1967، بعدها انتقل للمملكة العربية السعودية للالتحاق بمعهد التضامن الإسلامي.
يقول الشيخ عبد القادر مرة أخرى في مذكراته :
منذ طفولتي المبكرة كنت مفطورا بحب العلم، بحب الدين، وقد لا حظت ذلك أمي، فحين يزورنا في بيتنا أحد رجال الدين- وعمري آنذاك لم يتجاوز سبع سنين أو ست سنين- أجلس إليه وأستمع إلى ما يقول ويقرأ باهتمام وإصغاء، فلما رأت هذا الحرص مني قالت: يا ربي لو تعلَّم ولدي لسميته الشيخ عبد القادر- تريد الشيخ عبد القادر الجيلاني تيمنا.
رغم شغفي بالعلم إلا أنني فقدت المعين على طلبه، وقد بلغ عمري 13 سنة وأنا لم أبدأ بعد تعلم حروف الهجاء، وازدادت رغبتي في طلب العلم وحين بلغت 13 سنة اتخذت لوحا خشبيا وقلما بريته من الخشب أيضا بجهدي الشخصي، ولكن مع الأسف لم أجد المعلِّم الذي يحفِّظني القرآن وأهلي بدو رحَّل.
وكنت إذا سمعت معلِّما في بعض النواحي قصدت إليه قطعتُ العديد من الكيلومترات فأسأله أن يعلِّمني حروف الهجاء (ألف باء) ومعي – اللوح والدواة فأبقى معه بضعة أيام حتى ترحل عني الأسرة أو يرحل المعلِّم نفسه ثم أنتظر أو أبحث عن فرصة أخرى وقد تأخذ شهورا .
نشاطه الدعوي
التحق الشيخ بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية في بداية السبعينات، وتخرج في كلية الدعوة وأصول الدين في عام 1975، وبعد تخرجه في الجامعة عُيِّن داعية وأرسل إلى غرب إفريقيا مع الشيخ يوسف آدم، وبعد فترة صادفت زيارات الرئيس محمد سياد بري وجولاته بإفريقيا في منتصف السبعينات، وأقنع الرئيس الشيخين بأنّ البلاد تحتاج إليهما واصطحبهما إلى الصومال حيث عينهما قاضيين.
يقول الشيخ عبد القادر في مذكراته:
بعد تخرجنا من الجامعة الإسلامية مباشرة في منتصف عام 1974م انتدبتنا رئاسة الإفتاء إلى النيجر أنا وصديق عمري الشيخ يوسف للدعوة هناك، وفي البداية رفض الرئيس النيجري وجودنا، واعتبر دخولنا أمرا غير شرعي، وأمر بإخراجنا فورا ولكن تدخلت الحكومة السعودية عبر إحدى سفاراتها الإفريقية؛ فمكثنا فيها قرابة شهرين تقريبا في ضيافة الملحق الديني في السفارة السعودية بالنيجر، في هذه الأثناء كان محمد سياد بري رئيس منظمة الوحدة الإفريقية يقوم بجولة في أغلب البلدان الإفريقية حوالي 14 دولة على الأقل، وحين وصل إلى النيجر زرناه وسألَنا هل ترغبون البقاء في النيجر أم تريدون العودة إلى الصومال؟ فقلنا نريد العودة إلى بلادنا، وبعد رجوعي إلى مقديشو أذكر أنني اشتغلت في إحدى المحاكم مدة خمسة شهور بعد أن تلقيت دورة تدريبية.
نشط الشيخ عبد القادر نور فارح في الدعوة، واشتهر بدروسه الفقهية في الحلقات العلمية في المساجد.
حين رجعنا من الجامعة الإسلامية في أواخر عام 1974م بدأ زميلي الشيخ عبد الله محمود عيسى بإلقاء دروس من كتاب (رياض الصالحين) في مسجد ( المقام) فتوقف الدرسُ فأكملته، ثم بدأت بتدريس (مصطلح الحديث) وربما يكون هذا الكتاب أول كتاب في علم المصطلح يدرس في الحلقات في الصومال، وهو كتاب (من أطيب المنح) من مقررات المعاهد التابعة للجامعة الإسلامية، ودرَّست كتابا آخر في أصول الفقه، ولم يتوافر الكتاب للطلبة، فكنت مضطرا إلى الإملاء عليهم ثم الشرح والإفهام، -والحمد لله- كنت أجيد توصيل المعلومة إلى ذهن الطالب فيفهم وينتفع، وفي مرة لاحقة التقيت بالشيخ مصطفى إسماعيل هارون الداعية المشهور في أحد مواسم الحج فأخبرني أنه كان ضمن المجموعة الذين درَّست لهم الكتابين المذكورين في (أصول الفقه) و(مصطلح الحديث)، وأخبرني أنه حين انتقل إلى برعو شمال الصومال درَّس الكتابين 13 مرة وقال إن علم الأصول الذي اشتهر به الشيخ عبد الكريم حسن حوش (وهو أصولي مشهور بمدينة برعو شمال الصومال) يرجع أصله إلى رسالة (الأصول) التي درَّستها لنا.