حدث في السنة الثانية من الهجرة (5)
16- وفي هذه السنة:
بعد غزوة بدر بشهر هاجرت زينبُ -رضى الله عنها- بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
الشرح:
فك النبي - صلى الله عليه وسلم - أسر أبي العاص بن الربيع يوم بدر على أن يخلي سبيل زينب - رضى الله عنها -. فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - زَيْدَ بن حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ ليأتيا بزينب - رضى الله عنها -، وقَالَ لهما: "كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ[1]، حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِياني بِهَا"[2].
فخرجا مكانهما، وذلك بعد بدر بشهر أو قريب منه، ولما قدم أبو العاص بن الربيع مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجتْ تجهَّز، فلقيتها هند بنت عتبة، فقالت: يا بنت محمد ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك؟ فقالت: ما أردت ذلك، فقالت: أي ابنة عمي، لا تفعلي، إن كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك، أو بمال تتبلغين به إلى أبيك، فإن عندي حاجتك، فلا تضْطَّني[3] مني فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال، تقول زينب: والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل، ولكني خِفتُها، فأنكرت أن أكون أريد ذلك، وتجهَّزتُ.
فلما فرغتْ من جهازها قدم لها حموها كنانة بن الربيع أخو زوجها، بعيرًا فركبته، وأخذ قوسه وكنانته، ثم خرج بها نهارًا، وهي في هودج لها، وتحدث بذلك رجال من قريش، فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى، فكان أول من سبق إليها هبَّارُ بن الأسود بن المطلب بن أسد، فروعها هبَّار بالرُمح، وهي في هودجها، وكانت المرأة حاملاً - فيما يزعمون - فلما ريعت طرحتْ ذا بطنها[4] وبرك حموها كنانة، ونثر كنانته، ثم قال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهمًا، فتكركر الناس عنه[5].
وأتى أبو سفيان في جله من قريش، فقال: أيها الرجل، كفَّ عنا نبلك حتى نكلمك، فكف، فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه، فقال: إنك لم تصب، خَرَجْتَ بالمرأة على رؤوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا، وما دخل علينا من محمد، فيظن الناس إذا خرجت بابنته إليه علانية على رؤوس الناس من بين أظهرهنَّ أن ذلك عن ذلِّ أصابنا عن مصيبتنا التي كانت وأن ذلك منا ضعفٌ ووهن، ولعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة، ومالنا في ذلك من ثؤرة[6]، ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصواتُ، وتحدث الناس أن قد رددناها، فَسُلَّها سرًا وألحقها بأبيها.
ففعل، فأقامت ليالي، حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلاً حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه فقدما بها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [7].
17- وفي هذه السنة:
تزوج عليُّ بن أبي طالب - رضى الله عنه - فاطمة - رضى الله عنها - بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
الشرح:
تزوج عليٌّ - رضى الله عنه - فاطمة - رضى الله عنها - في أواخر السنة الثانية - كما رجَّح ذلك ابن كثير [8].
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَعْطِهَا شَيْئًا"، قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَ: "أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ؟"[9] فكان هذا هو مهر بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
18- وفي هذه السنة:
أسلم عُمير بن وهبٍ الجُمَحيُّ حينما رأى علامة من علامات النبوة.
الشرح:
هو: عُمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جُمح القرشيُّ الجُمحيُّ: يكنى: أبا أمية[10].
وكان قد جلس عمير مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش بيسير في الحِجْر، وكان عمير ممن يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ويلقون منه عناءً وهو بمكة، وكان ابنه وهب ابن عمير في أُسارى بدر.
فذكر أصحاب القليب ومُصابهم، فقال صفوان: والله إنْ في العيش بعدهم خير[11] قال له عمير: صدقت والله، أما والله لولا دَيْنٌ عليَّ ليس له عندي قضاء، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبتُ إلى محمد حتى أقتله، فإن لي قِبَلَهُمْ علةً؛ ابني أسير في أيديهم، فاغتنمها صفوان وقال: عليَّ دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم، فقال له عُمير: فاكتم عني، قال: أفعل.
قال: ثم أمر عمير بسيفه، فشُحِذ له[12] وسُمَّ، ثم انطلق حتى قدم المدينة، فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر، ويذكرون ما أكرمهم الله به، وما أراهم من عدوهم، إذ نظر عمر إلى عُمير بن وهب حين أناخ على باب المسجد متوشحًا السيف، فقال: هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب، والله ما جاء إلا لشرٍّ، وهو الذي حرَّش بيننا[13]، وحَزَّرَنا[14] للقوم يوم بدرٍ.
ثم دخل عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله، هذا عدو الله عُمير بن وهب قد جاء متوشحًا سيفه، قال: "فأدخله عليَّ" قال: فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلبَّبه بها، وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار: ادخلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون، ثم دخل به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال: "أرسله يا عمر، ادنُ يا عُمير" فدنا ثم قال: انْعَمُوا صباحاً - وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أكرمنا الله بتحية غير تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة" فقال: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد، قال: "فما جاء بك يا عمير؟" قال: جئتُ لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه، قال: "فما بالُ السيف في عُنقك؟" قال: قبحها الله من سيوف! وهل أغنتْ عنا شيئًا؟! قال: "اصدقني، ما الذي جئت له؟" قال: ما جئتُ إلا لذلك، قال: "بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحِجْر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دَيْنٌ عليَّ وعيالٌ عندي لخرجتُ حتى أقتل محمدًا، فتحمل لك صفوان بِدَينِكَ وعيالك على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك" قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نُكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد عمير شهادة الحق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَقِّهوا أخاكم في دينه وأَقْرِؤوه القرآن وأطلقوا له أسيره" ففعلوا، ثم قال: يا رسول الله إني كنت جاهدًا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله - عز وجل -، وأُحِبُّ أن تأذن لي، فأقدم مكة، فأدعوهم إلى الله تعالى، وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإلى الإسلام لعل الله يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم، قال: فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلحق بمكة.
وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير من مكة يقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام، تُنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل عن الرُّكبان، حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه، فحلف ألاَّ يُكَلَّمه أبدًا، ولا ينفعه بنفع أبدًا[15].
19- وفي شوال من هذه السنة:
نقض يهود بني قينقاعَ العهد فحاصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأجلاهم عن المدينة.
الشرح:
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عاهد أهل المدينة - كما تقدم - بعد وصوله إليها - صلى الله عليه وسلم -، وكانت اليهود ومنهم يهود بني قينقاع من أهل هذه المعاهدة، وكان من شروط هذه المعاهدة ألا يعتدي طرفٌ على الآخر، وألا يغدر طرف بالآخر.
ولكن اليهود كعادتهم منذ وُجِدوا على وجه هذه البسيطة لا عهد لهم ولا ميثاق ولا ذمة، قوم غُدُرٌ، قوم ملئوا الدنيا غدرًا وفسادًا، ووقيعة بين أهل الأرض.
فلما كان هذا هو طبع اليهود ودأبهم الذي لا يَنْفَكُّ عنهم، لم يحفظ يهود بني قينقاع ما عاهدوا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يحترموه، فكان جزاؤهم أن أجلاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المدينة، ليرتاح ويريح مَنْ بالمدينة منهم.
أما عن تفاصيل ما فعلوه، وما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بهم، فيرويه ابن إسحاق - رحمه الله - فيقول:
وكان من حديث بني قينقاع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمعهم بسوق بني قينقاع، ثم قال: "يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم" قالوا: يا محمد، إنك ترى أنَّا قومك، لا يغرنك أنك لقيت قومًا لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة، إنَّا والله لئن حاربنا لتعلمن أنَّا نحن الناس.
فما نزل هؤلاء الآيات إلا فيهم: ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 13] أصحاب بدر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقريش ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [آل عمران: 12، 13].
فكان بنو قينقاع أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحاربوا فيما بين بدر وأُحد فحاصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلوا على مكة، فقام إليه عبد الله بن أبي بن سلول، حين أمكنه الله منهم، فقال: يا محمد أحسن في موالي، وكانوا حلفاء الخزرج، فأبطأ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد أحسن في موالي، فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأدخل يده في جيب درع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرسلني"، وغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رأوا لوجهه ظللاً[16]، ثم قال: "ويحك! أرسلني"، قال: لا، والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي، أربعُ مئة حاسر[17] وثلاثُ مئة دارع[18]، قد منعوني الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة، إني والله امرؤ أخشى الدوائر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هم لك"، وأمر بهم أن يجلوا عن المدينة وتولى أمر إجلائهم عبادة بن الصامت، فلحقوا بأذرعات، وتولى قبض أموالهم محمد بن مسلمة، حيث تم تقسيمها بين الصحابة بعد إخراج الخمس للرسول - صلى الله عليه وسلم.
حيث مشى عبادة بن الصامت - رضى الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أحد بني عوف لهم في حِلْفِه مثلُ الذي لهم من عبد الله بن أُبيٍّ، فخلعهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتبرأ إلى الله - عز وجل -، وإلى رسول الله من حِلْفِهم، وقال: يا رسول الله أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم، ففيه وفي عبد الله بن أبي نزلت هذه القصة من المائدة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51] أي: كعبد الله بن أبي وقوله: إني أخشى الدوائر ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ... ﴾ إلى قوله: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 51- 56][19].
واستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة في محاصرته إياهم بَشير بن عبد المنذر، وكانت محاصرته إياهم خمس عشرة ليلة[20].
وذكر ابن هشام سببًا آخر للغزوة فقال:
كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب[21] لها، فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبتْ، فعهد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديًا، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع[22].
وقد يكون كلاهما حدث. والله أعلم.
20- وفي ذي الحجة من هذه السنة: وقعت غزوة السَّويق.
الشرح:
كان أبو سفيان بن حرب نذر ألا يمس رأسه ماءٌ من جنابة حتى يغزو محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فخرج في مئتي راكبٍ من قريش، لِيبرَّ يمينه، فسلك النجدية، حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له ثَيْب، من المدينة على بريد أو نحوه، ثم خرج من الليل، حتى أتى بني النضير تحت الليل، فأتى حُييَّ بن أخطب، فضرب عليه بابه، فأبى أن يفتح له بابه وخافه، فانصرف عنه إلى سلاَّم بن مِشْكَم، وكان سيد بني النضير في زمانه ذلك، وصاحب كنزهم[23]، فاستأذن عليه، فأذن له، فقراه[24] وسقاه وبطن له من خبر الناس[25]، ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه، فبعث رجالاً من قريش إلى المدينة فأتوا ناحية منها، يقال لها: العُريض، فحرقوا فيه أصوار[26] من نخل بها، ووجدوا بها رجلاً من الأنصار وحليفًا له في حرث لهما، فقتلوهما، ثم انصرفوا راجعين، ونذر بهم الناس[27]، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم حتى بلغ قَرْقَرُة الكُدْر، ثم انصرف راجعًا، وقد فاته أبو سفيان وأصحابه، وقد رأوا أزوادًا من أزواد القوم قد طرحوها في الحرث يتخففون منها للنجاء[28] فقال المسلمون، حين رجع بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، أتطمع لنا أن تكون غزوة؟ قال: "نعم".
واستعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة بَشير بن عبد المنذر وهو أبو لبابة.
وإنما سُمِّيتْ غزوة السَّويق[29]، لأن أكثر ما طرح القوم من أزوادهم السويق، فهجم المسلمون على سويق كثير، فسُميتْ غزوة السويق[30].
(الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية)
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|