وفاء النبي صلى الله عليه وسلم - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 350
عدد  مرات الظهور : 9,964,821
عدد مرات النقر : 332
عدد  مرات الظهور : 9,964,818
عدد مرات النقر : 227
عدد  مرات الظهور : 9,964,857
عدد مرات النقر : 177
عدد  مرات الظهور : 9,964,857
عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 9,964,857

عدد مرات النقر : 26
عدد  مرات الظهور : 3,482,976

عدد مرات النقر : 55
عدد  مرات الظهور : 3,477,565

عدد مرات النقر : 22
عدد  مرات الظهور : 3,478,089

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪•

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 09-27-2024, 07:35 PM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » اليوم (08:00 PM)
آبدآعاتي » 3,720,567
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2265
الاعجابات المُرسلة » 799
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي وفاء النبي صلى الله عليه وسلم

Facebook Twitter


الخطبة الأولى

أما بعد:

إخوة الإيمان: حديثنا اليوم عن نبع الوفاء سيد الأنبياء وإمام الأتقياء صلى الله عليه وسلم، من كان في وفائه نبع سلسبيل، مزاجه زنجبيل، ورحيقه مسك أصيل، إنه حبيب الله صلى الله عليه وسلم، فأعيروني القلوب والأسماع؛ لننهل ونعب من نبع وفائه.
إن كنتَ ترضى في الحبيب تواضُعًا
فمحمدٌ نهرُ التَّواضُعِ صافي
أو كنتَ ترضى في الحبيبِ تعطُّفًا
فبعطفه أمسى الصقيع الدَّافي
إن كان يُعجبك التسامحُ شيمةً
سَلْ أهْلَ مكَّةَ ساعةَ الإنصافِ
ولئن يروقك أن تهيم بماجدٍ
فالمجدُ صنعتُه بلا إسفافِ



أولًا: دعوة القرآن وسنة النبي العدنان لخلق الوفاء:

أيها الأحباب: لقد جاء القرآن الكريم وسنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم؛ لترسيخ خلق الوفاء؛ لأن الوفاء بالعهود هو شرع الله الذي ارتضاه جل في علاه، فقال ربُّنا تبارك وتعالى في سورة "المعارج" في صفات أهل الجنة المكرمون: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المعارج: 32]، وقال في سورة (المؤمنون) في صفات المؤمنين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8]، وقال في علامات الصادقين المتَّقين في سورة البقرة: ﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].



والوفاء بالعهد من صفات الأنبياء والمرسلين؛ فقال تعالى متحدِّثًا عن سيدنا إسماعيل عليه السلام في سورة مريم: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54]، وقال تعالى في إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ﴾ [النجم: 37].



ثانيًا: وفاء النبي صلى الله عليه وسلم مع الله:

إخوة الإسلام: أول نبع للوفاء وفاء سيد الأنبياء مع رب الأرض والسماء، فالله تعالى أمره أن يبلغ رسالته، وأن يقوم بالدعوة إليه؛ فقال الله تعالى في غير ما آية من القرآن: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67]، وقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ [المدثر: 1 -3].



فقام النبي صلى الله عليه وسلم داعيًا إلى الله تعالى إلى أن أجاب داعيه ووافته المنية.
فما زال يدعو ربه لهداهم
وإن كان قد قاسى أشد المتاعب
وما زال يعفو قادرًا عن مسيئهم
كما كان منه عند جبذة جاذب
أتانا مقيم الدين من بعد فترة
وتحريف أديان وطول مشاغب



وفى له في العبادة له، فقام حتى تورَّمت قدماه صلى الله عليه وسلم؛ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، يَقُولُ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: ((أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا))[1].



ثالثًا: نبع الوفاء مع المؤمنين:

أيها الإخوة الأحباب: لقد ارتوى الصحابة رضي الله عنهم من نبع وفائه وحسن خلقه، ولم ينس صلى الله عليه وسلم ما بذله الأنصار نحو الدعوة إلى الله تعالى؛ فقد ضحَّوا بأنفسهم وأهليهم وأموالهم من أجل إعلاء كلمة الله تعالى؛ فها هو يفي للأنصار الذين آمنوا به، وصدَّقوه ونصروه، واتَّبعوا النور الذي جاء به صلى الله عليه وسلم؛ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ، حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمُ الْقَالَةُ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا الْحَيَّ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ لِمَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْفَيْءِ الَّذِي أَصَبْتَ، قَسَمْتَ فِي قَوْمِكَ، وَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَامًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ شَيْءٌ، قَالَ: ((فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟))، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَنَا إِلَّا امْرُؤٌ مِنْ قَوْمِي، وَمَا أَنَا؟ قَالَ: ((فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ))، قَالَ: فَخَرَجَ سَعْدٌ، فَجَمَعَ الْأَنْصَارَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ، قَالَ: فَجَاءَ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَتَرَكَهُمْ، فَدَخَلُوا وَجَاءَ آخَرُونَ، فَرَدَّهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَتَاهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، ثُمَّ قَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ، أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللهُ؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللهُ؟ وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ؟))، قَالُوا: بَلِ اللهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ، قَالَ: ((أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟))، قَالُوا: وَبِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ، قَالَ: ((أَمَا وَاللهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ، أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلًا فَآسَيْنَاكَ، أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا، تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ؟ أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ فِي رِحَالِكُمْ؟ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ، اللهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ))، قَالَ: فَبَكَى الْقَوْمُ، حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللهِ قِسْمًا وَحَظًّا، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفَرَّقُوا[2].



وفاء النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق:

ومن نبع وفائه صلى الله عليه وسلم أنه لم ينس ما قدمه أبو بكر الصديق رضي الله عنه لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام؛ فعن علي رضي الله تعالى عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر))[3].



عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: ((إِنَّ آمَنَ النَّاسِ عَلِيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا؛ وَلَكِنْ خَلَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقِيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ، إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ))[4].



وفاء النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته:

معشر الإخوة:ومن نبع وفائه صلى الله عليه وسلم، وفاؤه للسيدة الفاضلة خديجة رضي الله عنها التي واسته بماله وحسبها ونصرته صلى الله عليه وسلم، فما نسي النبي لها ذلك الجميل؛ فعمَّها بوفائه في حياتها وبعد مماتها رضي الله عنها.



فمن وفائه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، أنه كان يكرم صديقات زوجته خديجة رضي الله عنها بعد موتها؛ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِالشَّيْءِ يَقُولُ: ((اذْهَبُوا بِهِ إِلَى فُلَانَةٍ؛ فَإِنَّهَا كَانَتْ صَدِيقَةَ خَدِيجَةَ، اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَيْتِ فُلَانَةٍ؛ فَإِنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ خَدِيجَةَ))[5].



عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا بِي أَنْ أَكُونَ أَدْرَكْتُهَا وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِكَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيَتَتَبَّعُ بِهَا صَدَائِقَ خَدِيجَةَ فَيُهْدِيهَا لَهُنَّ»[6].



يقول توماس كارليل منبهرًا بوفاء الرسول صلى الله عليه وسلم لزوجته السابقة المتوفاة: "كان وفاؤه وفاءً لا تحده حدود... إنه لم ينس أبدًا زوجته الطيبة الكريمة الأخلاق خديجة، وبعد وفاة زوجته أم المؤمنين خديجة بوقت طويل، سألته زوجته الشابة، وهي امرأة كانت تشعُر بمكانتها المتميِّزة بين نساء النبي، وسألته يومًا قائلة له: ألستُ أنا الآن أفضل من خديجة؟ فقال لها: ((لا، والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذَّبني الناس، ورزقت منها الولد وحُرِمتموه مني))[7].



وفاء النبي صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين:

ومن أهم المواقف الدالَّة على التزام المسلمين بخُلُق الوفاء وتعظيمهم له في السِّلم والحرب: قال حذيفة بن اليمان: "ما منعني أن أَشهَد بدرًا إلا أني خرجتُ أنا وأَبي حُسَيل، قال: فأخذَنا كفارُ قريش، قالوا: إنكم تُريدون محمدًا، فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منَّا عهدَ الله وميثاقَه لننصرفَنَّ إلى المدينة، ولا نُقاتِل معه، فأتينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخبرْناه الخبرَ، فقال: ((انصرِفا، نَفِي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم))[8].



قال النَّووي في تعليقه على الحديث: "وفيه الوفاء بالعهد، أمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء، وهذا ليس للإيجاب؛ فإنه لا يجب الوفاء بترك الجهاد مع الإمام ونائبه؛ ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم ألا يَشيع عن أصحابه نَقْضُ العهد"[9].



وفاء النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي البختري بن هشام:

ومن مواقف الوفاء مع الكفار وفاء النبي صلى الله عليه وسلم لأبي البختري بن هشام الذي وقف في وجه قريش، وعمل على نقض الصحيفة، ودافع عن النبي وأصحابه فلم ينس النبي صلى الله عليه وسلم هذا الموقف، وأراد أن يرد إليه الجميل في غزوة بدر، فقال لأصحابه كما في حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((إني قد عرفت أن رجالًا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهًا، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي أحدًا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبدالمطلب فلا يقتله؛ فإنه إنما أخرج مستكرهًا))[10].

أقول قولي، وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، أما بعد:

الوفاء مع الكفار في صلح الحديبية:

أما إن سألت عن نبع الوفاء وعن خلق الأصفياء مع الأعداء، فتأمل هذا المشهد الذي يعلم الدنيا كلها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إمام أهل الوفاء؛ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَتَاهُ أَبُو بَصِيرٍ عُتْبَةُ بْنُ أسيدِ بْنِ جَارِيَةَ، وَكَانَ مِمَّنْ حُبِسَ بِمَكَّةَ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ فِيهِ أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ وَالْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثّقَفِي إلَى رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعَثَا رَجُلًا مِنْ بَنِي لُؤَي، وَمَعَهُ مَوْلًى لَهُمْ فَقَدِمَا رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ بِكِتَابِ الْأَزْهَرِ وَالْأَخْنَس،ِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسلمَ ((يَا أَبَا بَصِيرٍ، إنَّا قَدْ أَعْطَيْنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مَا قَدْ عَلِمْت، وَلَا يَصْلُحُ لَنَا فِي دِينِنَا الْغَدْرُ وَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ لَك وَلِمَنْ مَعَك مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، فَانْطَلِقْ إلَى قَوْمِك))، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَرُدُّنِي إلى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي؟ قَالَ: ((يَا أَبَا بَصِيرٍ، انْطَلِقْ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى سَيَجْعَلُ لَك وَلِمَنْ مَعَك مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا))[11].



وفاؤه صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب:

لم ينس نبع الوفاء صلى الله عليه وسلم مواقف عمه أبي طالب الذي واساه وربَّاه، ودافع عنه حتى آخر رمق في حياته، فشفع له عند الله تعالى أن يخفِّف عنه العذاب؛ عن العباس، قال للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ما أغنَيتَ عَن عَمِّكَ، فإنَّه كان يَحوطُكَ ويَغضَبُ لك؟ قال: ((هو في ضَحْضاحٍ مِن نارٍ، ولولا أنا لكان في الدَّركِ الأسفَلِ مِن النارِ))[12].



الواجب علينا:

عباد الله: اعلموا أن الواجب علينا أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نفي بالعهود والمواثيق وأجل تلك العهود عهد الله تعالى الذي أخذه علينا أن نؤمن به وحده، ولا نشرك به أحدًا، وأن نفي بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فندافع عن سيرته وسنته، وأن نعمل بشريعته، وأن نعلي رايته صلى الله عليه وسلم، نكون ممَّن سمَّى الله تعالى في كتابه: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23].



وواجب علينا أيها الأحباب أن نكون صورةً مشرفةً للإسلام بأن نكون أوفياء مع الناس جميعًا، لا فرق في الوفاء بين قريب أو بعيد، صديق أو عدو، مؤمن أو كافر؛ فالأخلاق في الإسلام لا تتلوَّن؛ وإنما هي ثابتة لا تحابي أحدًا على حساب أحد وقال عزَّ مِن قائل: ﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴾ [الرعد: 19، 20].



لقد سطَّر المسلمون في تاريخهم أروع الأمثلة في الوفاء بالعهود حتى مع المشركين؛ بل اشتهر هذا الخلق بين جيوش المسلمين حتى أصبح سمةً لهم، وكان سببًا في دخول الناس إلى دين الله أفواجًا، وفتح الكثير من البلدان لما رأوا من وفائهم بعهدهم عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ - رَجُلٍ مِنْ حِمْيَرَ – قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَبَيْنَ الرُّومِ عَهْدٌ، وَكَانَ يَسِيرُ نَحْوَ بِلادِهِمْ حَتَّى إِذَا انْقَضَى الْعَهْدُ غَزَاهُمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ، وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَفَاءٌ لا غَدْرٌ، فَنَظَرُوا فَإِذَا عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ: ((مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَلا يَشُدَّ عُقْدَةً، وَلا يَحُلَّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ))، فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ[13].



قال المهلب رحمه الله: "الغدر حرامٌ بالمؤمنين وبأهل الذمة"[14].



ومهما يكن قدر الغدر والخيانة إلا أنه يبقى قبيحًا تشمئزُّ منه النفوس المجبولة على الفطرة والوفاء، وكما قال الإمام الذهبي: "الخيانة قَبيحة في كلِّ شيء، وبعضها شرٌّ من بعض، وليس مَن خانك في فَلْسٍ كمَن خانك في أهلك ومالك وارتكب العظائم"[15].



قال الرِّياشيُّ:
إذا ذَهَب التكرُّم والوَفاءُ
وباد رِجالُه وبَقِي الغُثَاءُ
وأَسْلَمني الزَّمانُ إلى رِجالٍ
كأمْثالِ الذِّئابِ لها عُواءُ
صَديقٌ كلَّما استَغْنيت عنهم
وأَعْداءٌ إذا جَهَدَ البَلاءُ
إذا ما جئتهم يَتدافَعوني
كأنِّي أجربٌ آذاه داءُ
أقولُ ولا أُلام على مَقالٍ
على الإخوانِ كُلِّهم العَفاءُ[16]



كونوا عباد الله أوفياء فالوفاء من شيم الكرام:
إنَّ الوفاءَ على الكريمِ فريضةٌ
واللؤمُ مقرون بذي الإخلافِ
وترى الكريم لمن يعاشرُ منصفًا
وترى اللئيمَ مجانبَ الإنصافِ[17]



قال ابن حزم رحمه الله: "الوفاء مركب من العدل، والجود، والنجدة؛ لأنَّ الوفي رأى من الجور ألَّا يقارض من وثق به، أو من أحسن إليه؛ فعدل في ذلك، ورأى أن يسمح بعاجل يقتضيه له عدم الوفاء من الحظ؛ فجاد في ذلك، ورأى أن يتجلَّد لما يتوقَّع من عاقبة الوفاء؛ فشجع في ذلك"[18].



وعن الأصمعي قال: "إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوُّقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه"[19].



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 09-27-2024, 07:41 PM   #2



 
 عضويتي » 23
 جيت فيذا » Oct 2022
 آخر حضور » اليوم (05:25 PM)
آبدآعاتي » 323,251
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » سيف has a reputation beyond reputeسيف has a reputation beyond reputeسيف has a reputation beyond reputeسيف has a reputation beyond reputeسيف has a reputation beyond reputeسيف has a reputation beyond reputeسيف has a reputation beyond reputeسيف has a reputation beyond reputeسيف has a reputation beyond reputeسيف has a reputation beyond reputeسيف has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة » 122
الاعجابات المُرسلة » 120
مَزآجِي   :
 آوسِمتي »

سيف متواجد حالياً

افتراضي



جزاك الله خير
وأحسن إليك فيما قدمت
دمت برضى الله وإحسانه وفضله


 توقيع : سيف

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:18 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.